س:: أنا سيدة متزوجة وأم لطفلين وزوجي دائما يصحبني معه إلى الحفلات العامة، بحيث أدمنت -من كثرة ترددي على هذه الحفلات الخمر والسيجارة، وأصبحت لا أستطيع تركها أبدا، فأحببت أن أسألك: هل يقع الإثم علي شخصيا أم على زوجي، لأنه هو الذي يصحبني إلى الحرام، وإذا لم أطعه يضربني؟ أرجو إرشادي.
ج : مأساة أي مأساة أن يصبح المجتمع المسلم، في هذا المستوى، ويخور رجاله ونساؤه إلى هذا الدرك، والإثم في هذه القضية على كل حال واقع على الطرفين، على الرجل والمرأة، الزوج والزوجة.
يقع على الزوج أولا، لأنه مكلف أن يحمي أهله من النار كما قال تعالى مخاطبا جماعة المؤمنين: (يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) أي أن يقيهم النار لأنه مسئول أن يجنب نفسه وأهله النار، فكما يوفر لهم القوت ليأكلوا، والكسوة ليلبسوا، والتعليم ليتثقفوا، والدواء ليعالجوا، هذه الأمور الدنيوية مطلوبة منه، هو كذلك مسئول أن يقربهم من الجنة ويباعد بينهم وبين النار، وإلا فما قيمة أن تلبس زوجتك أحسن الثياب، وتطعمها من أفضل الطعام والشراب، وتوفر لها من المتع الشيء الكثير، ثم تجرها جرا إلى جهنم -والعياذ بالله-؟ وما قيمة أن يأخذ أولادك أرقى الشهادات، أو يتسنموا أرفع المناصب ثم يكون مصيرهم جهنم؟ ما قيمة هذا كله؟
فالإنسان مطلوب منه أن يحمي نفسه وأهله من النار: (قوا أنفسكم وأهليكم نارا). "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل في أهل بيته راع وهو مسئول عن رعيته" فهذا الزوج وأمثاله، كان عليه أن يقي زوجته من هذه الخبائث: من الخمر ومن الحفلات، وخاصة حفلات الاختلاط، التي يختلط فيها الرجال بالنساء، بلا حدود ولا قيود، كما هو شأن المدنية الغربية، التي قذفتنا بهذه الألوان من السلوك في حياتنا، هذه الألوان الغربية، الدخيلة على المجتمع المسلم، فهذا الزوج مسئول، لأنه بدل أن يحمي زوجته من النار، جرها إلى النار جرا… ثم الزوجة أيضا مسئولة، لأنها مكلفة، لم تفقد الأهلية، هي ليست آلة طيعة، تدار فتدور، وتحرك فتتحرك، أو بهيمة تقاد فتنقاد، لا… إنها إنسان.. لها عقل، ولها إرادة، تستطيع أن تقول: لا، خاصة في المعاصي. وفي هذه الحالة، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. هذه هي المسألة التي تذوب فيها كل السلطات، ليس لرئيس أن يجبر مرؤوسه على المعصية، كلا ففي الحديث: "السمع والطاعة حق على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة" متفق عليه.
فإذا كان يأمرها بالمعصية، أو يدفعها إلى المعصية، فمن حقها -بل من واجبها أيضا- أن تقول: لا، بملء فيها. لأنه هنا تعارض حق الزوج وحق الله فإذا كان حق الزوج أن يطاع فحق الله في هذه الحالة أن ترفض المعصية، وحق الله مقدم. على أن الزوج هنا ليس له حق أصلا، لأن هذا خارج عن حقوقه.. فإذا أراد أن يصحبها إلى الحفلات المنكرة أو إلى شرب الخمر فيجب أن ترفض هذا ولو أدى ذلك إلى الطلاق، فهذه الأخت مسئولة، وإن كان الزوج أيضا مسئولا. وتستطيع على كل حال أن تراجع نفسها وأن تتوب، وأين هذا من كثير من الرسائل، التي تأتي من بعض السيدات، يشكون من فساد أزواجهن؟ الزوج الذي يسهر سهرا طويلا، ويأتي آخر الليل وهو لا يعرف يمينه من شماله، وهي تأمره بالصلاة وهو لا يصلي، وتنهاه عن المنكر، وهو لا ينتهي، ولا يزدجر… هذه هي الزوجة التي تعين زوجها على الطاعة وعلى الخير، فهذه الأخت مسئولة، وزوجها مسئول، ونرجو من الإثنين… الزوج والزوجة، أن يراجعا حسابهما مع الله، وأن يرتدعا عن مثل هذا الطريق، الذي لا يؤدي إلا إلى الخسار في الدنيا والبوار في الآخرة -والعياذ بالله.