نبي الله
أيوب عليه السلام
مدينة الصبر
كان أيوب عليه السلام كثير المال والأولاد ، يملك الضياع والمزارع والأراضي والمواشي والعبيد .
وكان تقياً رحيماً بالمساكين يكفل الأيتام ، ويرعى الأرامل ، ويكرم الضيف ، ويدعو إلي عبادة الله الواحد الأحد .
تزوج من ابنة الله لوط عليه السلام لأنها صاحبة دين ، ونسب كريم ، وعاش في منطقة حوران في الشام ، وجاءته الرسالة فبدأ يدعو لدين الله الواحد ، ويذكر الناس بفضله تعالي ونعمه .
آمن معه كثير من أهل هذه المدينة .
وشاءت إرادة الله أن يختبر أيوب وقريته الآمنة ، فجفت الأرض ، ومات الزرع ، وهلكت الأغنام ، ومات أولاده جميعاً .
ثم مرض مرضاً شديداً حتى إنهم وصفوا مرضه بأن لحم جسده كان يتساقط ولكنه لم يكف عن ذكر الله وتسبيحه وحمده .
قال رسول الله – صلي الله عليه وسلم - : " أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم المثل فالأمثل " .
وفي حديث آخر له صلي الله عليه وسلم : " يبتلي المؤمن علي حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه " رواه الدرامي .
المرآة الصالحة
كانت زوجة أيوب امرأة فاضلة صالحة صابرة .
تحملت مرضه ، وأحسنت إليه ، وكانت تخدمه وتعاونه في شئونه .
ابتعد الناس جميعاً عنه ، خوفاً منه ، وبقيت هي تخدمه وترعاه ، فلما راح المال جميعه ولم تجد ما تحضر به الطعام إليه ، خدمت في البيوت بالأجر ، وكان أغلب الناس يفرون منها ويغلقون الباب في وجهها خوفاً من انتقال العدوى إليهم .
وأقفلت الأبواب جميعها في وجهها .
فقصت شعرها وباعته لامرأة غنية ، وأحضرت إلي أيوب الطعام ، فسألها : من أين أتت به ؟
فذكرت له أنها باعت شعرها ، فبكي وتوجه إلي الله ضارعاً : ( رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ) " الأنبياء : 83 " .
الفوز والنجاة
قال تعالي : ( اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ) استجاب الله لدعوته فرفع عنه البلاء والابتلاء ، أمره جل وعلا أن يدق علي الأرض بقدمه دقة خفيفة وإذ بماء عذب يخرج من الأرض فاغتسل منه وشرب ، فعافاه الله .
وجاءت زوجته الصابرة ورأته ، وتحيرت أين ذهب زوجها ، فسألته : ألم تر زوجي المريض؟
فأخبرها إن الله قد أكرمه وأنجاه ورفع عنه البلاء .
( وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أواب ) ذكر المفسرون أن زوجة أيوب تمثل لها الشيطان في صورة إنسان وأخبرها أنه طبيب وعرض عليها دواء تعالج به زوجها ، أن يشرك بالله .
فلما ذكرت لأيوب ما قاله ، عرف أنه الشيطان وأقسم ليضربنها مائة جلدة لإستماعها إليه ، وأنها إذا تعوذت بالله منه لكان انصرف عنها ، وأراد الله تعالي أن يكافئها علي برها به ، وصبرها علي مرضه ، وتحملها هروب الناس منها .
قال له الله جل علاه : يا أيوب خذ أعواداً خفيفة من الأرض واجعلها حزمة بها مائة واضربها بها ضرباً خفيفاً مرة واحدة فتبر بقسمك .
دروس وعبر
درس في الصبر علي البلاء والإبتلاء واللجوء إلي الله تعالي عند الشدة ومن أشد صبراً من أيوب غير أيوب نفسه .
والبلاء ليس دليل نقمة من الله .
والأخذ بالأسباب فالبحث عن الدواء حيث قال له جل من قائل : اشرب واغتسل من الماء الذي تفجرت تحت قدمه .
وكان بقدرة الله سبحانه أن يشفيه دون اللجوء إلي الأسباب .
ولكن الله دائماً يضرب لنا الأمثال .
زوجة أيوب كانت زوجة صالحة صبرت وتحملت مرضه وفقره بعد غناه ورسول الله (ص) يقول : " خير متاع الدنيا الزوجة الصالحة " .