نبي الله
لوط عليه السلام
أرسل الله تعالي لوطاً إلي أهل سادوم وعامورة .
كان قوم لوط عليه السلام يكتسبون السيئات ويرتكبون الفواحش ، ويعصون الله ، وكانوا يصنعون المنكرات .
وكانوا يقطعون السبيل علي المارة ، ويخونون الصديق ، ولا يتناهون عن منكر فعلوه ، ولا يتفقون إلا علي الإثم .
( كذب قوم لوط المرسلين . إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون . إني لكم رسول أمين . فاتقوا الله و أطيعون ) " الشعراء : 160 – 163 " .
فلما دعاهم لوط إلي ترك ارتكاب الجرائم التي يرتكبوها قالوا ( أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ) .
كانوا مرضي يرفضون العلاج ، ولا يتزوجون النساء ، وكانوا يأتون الفاحشة في ناديهم ، ويعتدون علي الرجال .
ظل لوط يدعوهم إلي عدم ارتكاب هذه الجرائم ، وينصحهم ويدعوهم إلي التقوى ، وترك ما يفعلون وهم يسخرون منه .
وكانوا لا يتورعون عن أي شيء يفعلونه ، فإذا دخل مسافر أو ضيف عندهم ، لم ينقذه أحد منهم ومن شذوذهم .
أتي أمر الله بهلاك قوم لوط
لما خرجت الملائكة عليهم السلام من عند إبراهيم خليل الله متجهين إلي سادوم قرية لوط التقوا بإبنه لوط علي مشارف القرية ، وكانت تعلم أن أهل القرية – قومها – ظلمة ، طلبت منهم ألا يدخلوا القرية ، وأسرعت إلي أبيها تخبره بمقدم ضيوف يسألون عنه .
فجاءهم لوط وهو في ضيق ، وقال : هذا يوم عصيب .
طلبوا منه أن يدخلوا القرية .
حاول إخبارهم بفساد قومه ، ومنعهم من دخولها ولكنهم ذكروه بإكرام الضيف .
ظل يحدث نفسه ، ماذا يفعل ؟ هل يدعهم يمضون دون أن يكرمهم وهم ضيوفه ؟
وإذا تركهم يدخلون فإن قومه ظالمون إنهم خبثاء يفسدون في الأرض ، إذن لا بد من أن ينتظر حتى يأتي الليل ويضيفهم عنده حتى لا يعلم أحد من قومه بقدومهم وينصرفوا بعد تقديم واجب الضيافة لهم .
كانت زوجة لوط سيئة كافرة مثل قومها ما كانت تراهم دخلوا الدار حتى أسرعت إلي قومها تحدثهم عن مقدم ضيوف إلي زوجها .
جاء قوم لوط مسرعين ومن قبل كانوا يعملون الخبائث .
ترجاهم لوط عليه السلام ألا يفضحوه مع ضيوفه ، ولكنهم أصروا علي الاعتداء علي الضيف ، صارح لوط ضيوفه بالخطر وقال لهم : لو أن عندي من الأتباع والأقارب والأنصار لاستعنت بهم لحمايتكم ، ولكن لا حيلة لي .
يقول لوط : ( لو أن لي بكم قوة أو آوى إلي ركن شديد ) " هود : 80 " .
قالت الملائكة للوط : ( قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك ) .
كان قوم لوط يحاولون فتح الباب بالقوة عليه وعلي ضيفه المكرمين ، وانكسر الباب فاندفعوا يدخلون .
أشار جبريل عليه السلام علي أعينهم فطمست ( وفقدوا البصر ) فأخذوا يخرجون من الدار من حيث أتوا .
طلبت الملائكة من لوط أن يأخذ أهله ويخرج أثناء الليل ، وأخبروه أنه يجب ألا ينظر منهم أحد خلفه حتى لا يحدث له مثل ما سوف يحدث للقوم المجرمين .
ثم قالوا : إن هؤلاء القوم سينزل بهم العذاب في الصباح .
( إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب ) " هود : 82 " .
وأبلغوه أن امرأته سوف يصيبها مثل ما أصاب قومها لأنها كافرة .
قال المفسرون : إن جبريل عليه السلام اقتلع مدنهم السبع من الأرض ، رفعها إلي عنان السماء حتى سمعت الملائكة أصواتهم ، وأصوات الديكة ، ثم قلب المدن السبع وهوى بها في الأرض.
وكانت السماء تلقي عليهم الحجارة الملتهبة ، قيل حجارة صلبة عليها أسماؤهم ومرقمة .
استمر العذاب ينزل بهم حتى غارت الأرض وتحولت إلي بحيرة كريهة الرائحة .
كان لوط عليه السلام يسمع أصواتاً مخيفة مرعبة وكان مأموراً ألا ينظر خلفه .
وأنجي الله لوطاً وبناته وأهله المؤمنين .
قيل : إن البحيرة هي الآن البحر الميت بفلسطين .
وفي كتاب قصص الأنبياء لعبد الوهاب النجار قال : أعتقد أن البحر الميت المعروف الآن ببحر لوط وبحيرة لوط ، لم يكن موجوداً قبل هذا الحادث وإنما حدث من الزلزال الذى جعل عالي البلاد سافلها ، وصارت أخفض من سطح البحر بنحو أربعمائة متر ،
وقد جاءت الأخبار بأنهم اكتشفوا مدن لوط علي حافة البحر الميت . ( ص 113 .
طبع مؤسسة الحلبي ) .
الدروس المستفادة
التحذير من الشذوذ .
أثبت الطب الحديث الآثار السيئة ، والأمراض المميتة التي تحدث منه وصفهم الله في كتابه العزيز بالعدوان ، الجهل والسفه والطيش والإسراف في الشهوات .
أما عن العقاب ، فقد اقتلعت مدنهم وألقيت من فوق عنان السماء ، ورجموا أيضاً بحجارة ملتهبة، حتى غارت بهم الأرض ، وتحولت إلي بحيرة .
أما عن إكرام الضيف والدفاع عنه بكل وسيلة ممكنة ، فقد كان هذا هو موقف لوط عليه السلام من ضيوفه المكرمين .
نجاة المؤمنين الأتقياء والفوز في الحياة الدنيا والآخرة .