نبي الله صالح عليه السلام
كانت قبيلة ثمود تعيش في شمال بلاد العرب في منطقة تقع ما بين المدينة المنورة والشام ( تسمي الحجر ) .
كانت هذه القبيلة تسكن في وادي كله خير وبركة وزروع ونخيل وبساتين ، نحتو في الجبال بيوتاً من الصخر لا تتهدم ولا تتحطم ، وبنوا القصور وعاشوا في سعادة ونعيم وغرتهم الحياة الدنيا بزينتها وزخرفها ، فنسوا الله الخالق العظيم ، وكفروا به وعبدوا الأصنام ، وأفسدوا في الأرض .
فأرسل الله إليهم صالحاً رجلاً منهم ، كان يعرفونه جيداً ، ويعلمون عنه الصلاح والطيبة والعقل والحكمة .
فلما دعاهم نبي الله صالح إلي عبادة الله الواحد ، وترك عبادة الأصنام وقال لهم : ( يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) " هود : 61 " .
اذكروا نعم الله عليكم إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم عاد ، يا قومي لا تفسدوا في الأرض .
نظروا إليه في تحد وكفر وقالوا له : لقد كنا نحبك ونحترمك لعلمك وعقلك ونصدقك ، لكن خاب أملنا فيك ، لأنك جننت وخرفت .
كان البسطاء من قومه الطيبين الفقراء هم الذين آمنوا معه ، أما الذين استكبروا من قومه قالوا لمن آمن من قومهم : أتعلمون أن صالحاً مرسل من ربه ؟
قالوا : نعم إنا بما أرسل به مؤمنون .قال الكفار : إن صالح أصيب بالسحر والجنون .
ظل صالح يدعوهم إلي عبادة الله فيسخرون منه ثم طالبوه بمعجزة تثبت أنه نبي مرسل من ربه .
قالوا له : ألست تقول إن إلهك قادر علي كل شيء ، إذن دعه يخرج لنا ناقة من هذه الصخرة التي أمامك ، نحلبها ونستفيد من لبنها .
ناقة الله
صلي صالح لله ثم دعاه أن يؤيده بتلك الآية ( المعجزة ) التي يطلبها قومه ليؤمنوا برسالته .
أوحي الله إليه أنني سوف أنصرك بآية كبرى ومعجزة عظيمة ناقة ضخمة جداً سوف تخرج عليهم من الصخرة ومعها وليدها .
ذهب صالح إلي قومه يخبرهم بموعد خروج الناقة .
وقفوا جميعاً ينتظرون ، فلما رأوها تخرج أمامهم من الصخرة آمن من آمن وهم قليل ، وظلت الأغلبية علي كفرهم وتركوه ومضوا .
ناداهم صالح وقال لهم : ( هذه ناقة الله ) فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء يبعث عليكم الله عذاباً عظيما . إن هذه الناقة سوف تشرب الماء كله في يوم ، وتتركه لكم في اليوم التالي .
كان في المدينة تسعة من المفسدين زين لهم الشيطان أعمالهم وأضلهم وأغواهم .
اجتمع المفسدون وتشاوروا وسكروا ، وقالوا : سوف نقتل الناقة ، ونقتل صالحاً ثم نقسم إننا لم نفعل شيئاً .
أخذ أكثرهم فساداً وقسوة سهماً ورماها به ، واجتمعوا حولها وساعدوه فقتلوها هي وصغيرها .
علم نبي الله صالح بمقتل الناقة فحزن وغضب وقال لهم : ألم أحذركم من قتل الناقة .
انتظروا فسوف يأتيكم عذاب ربكم .
( تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ) " هود : 65 " .
قيل : إن الناقة وهي تموت تنهدت ثلاث تنهيدات .
أمر الله صالحاً أن يأخذ الذين آمنوا معه ويترك المدينة لأنه سبحانه سوف يهلك أهل هذه القرية الظالمة .
بعد ثلاثة أيام سمعوا صيحة هائلة مخيفة مرعبة فارتعشوا وارتجفوا وارتعدوا وسقطت قلوبهم من الرعب والفزع .
وماتوا علي هذه الهيئة ، ولم يبق منهم غير مساكنهم شاهدة علي كفرهم وظلمهم ، وتجبرهم وجهلهم
وشاهدة علي العذاب الأليم الذي أرسل إليهم .
العبرة والاعتبار
مثلهم كمثل قوم هود أسرفوا في البناء ولم يعتدلوا في المعيشة ، اتبعوا أوامر الجبابرة فيهم واستعلوا في الأرض وغرتهم قوتهم فأعرضوا عن هدى الله فطردوا من رحمة الله وهلكوا .
( الجبار ) المتسلط العنيد المتكبر غليظ القلب .
نجاة المؤمنين بصدق إيمانهم وتصديقهم باليوم الآخر وهو الحق .
الذنوب والأعمال السيئة تؤذى عقل الإنسان وجسمه وترديه في الهلاك لذلك طالبهم صالح عليه السلام بالاستغفار ، والاستغفار هو سيد الدعاء وبه يفتح الله للناس البركات والرزق وصلاح أمورهم .