الواجب هو ما طلب الشارع فعله من المكلف طلباً حتما، ويثاب فاعله ويعاقب تاركه.
فالتعريف كما ترى اشتمل على عنصرين: الأول: من حيث صيغة الطلب) طلباً حتما( ، والثاني: من جهة الثواب والعقاب )يثاب فاعله ويعاقب تاركه(.
ينقسم الواجب باعتبارات كثيرة أورد منها أربعة تقسيمات:
التقسيم الأول: بحسب وقت أدائه فهو: مطلق و مؤقت
فالمطلق هو ما أمر به الشارع ولم يؤقت له وقتاً معيناً، ومثاله: النذر، فالوفاء بالنذر واجب، ولكن الله لم يكلفنا وقتاً بعينه للوفاء بالنذر، فلو أداه في أي وقت صح منه.
والمؤقت ما طلبه الشارع طلباً حتماً في وقت معين، ومثل ذلك الصلاة في مواقيتها، والصيام في رمضان، والحج في ميقاته.
الواجب المؤقت يكون على ستة أحوال :
من حيث التوقيت: مضيق وموسع وذو شبهين
المضيق: هو الواجب المؤقت الذي يستغرق جميع الوقت المحدد، ولا يسع غيره معه، كالصيام في شهر رمضان، إذ لا يمكن خلال شهر رمضان صوم شيء غير الفريضة0
والمؤقت الموسع: هو الواجب المؤقت الذي لا يستغرق جميع الوقت المحدد له، ويسع معه غيره، كالصلوات الخمس، إذ يمكن صلاة نوافل كثيرة، وقضاء واجبات فائتة في ذات الوقت.
والمؤقت ذو الشبهين:وهو يتسع فرضا آخر معه ولكنه لا يصح إلا واجبٌ واحد فيه، كالحج، فأعمال الحج لا تستغرق كل الوقت، ويمكن عقلا أن يأتي المرء بعدة حجج في موسم واحد، ولكن لا يصح منه إلا حج واحد0
من حيث التنفيذ: أداء وإعادة وقضاء.
الأداء: هو فعل الواجب في وقته المقدرله شرعاً أولا، والقيد بكلمة: (أولا) يراد به التفريق بين الأداء والإعادة.
الإعادة: هي فعل الواجب في وقته المقدر له شرعاً ثانياً بعد سبق الأداء، وقد تكون الإعادة لنقص أو خلل أو لاحتياط محض.
القضاء: هو فعلُ الواجب المؤقت بعد وقت الأداء استدراكاً لما سبق له وجوب مطلقاً-وقد انتهى وقته المقرر شرعاً.
التقسيم الثاني: بحسب التقدير وعدمه فهو: محدد وغير محدد
الواجب بحسب تحديده وعدمه قسمان:
الأول: الواجب الذي حدد له الشارع مقداراً معيناً، ومثاله: كفارة الظهار، فهي محددة لا يصح تغييرها. ومثل ركعات الصلاة وأنصبة الزكاة.
الثاني: الواجب غير المحدد، فالأمر فيه متروك لمن توجه الأمر إليه، ومثاله: التعزيز فهو عقوبة غير محددة، ترك الشارع أمر تقديره لولي الأمر.
التقسيم الثالث: بحسب المكلف به وهو: عيني وكفائي
فالواجب العيني ما طلب الشارع فعله من كل فرد من أفراد المكلفين، ولم يتساهل في عقوبة من تركه من المكلفين، ومثال ذلك فرض الصيام والزكاة والوفاء بالوعود، فكلها فرائض عينية.
والواجب الكفائي هو الذي طلبه الشارع من مجموع المكلفين، فإن قام به البعض سقط عن الباقين، وأورد من الأمثلة على ذلك رد السلام والجهاد.
و فرض الكفاية يصبح فرض عين على كل قادر إن لم يوجد من يقوم به، فالجهاد يصبح فرض عين إذا تعرضت البلاد لغزو، وكذلك إذا أسند الإمام إلى مكلف ما فرض كفاية صار متعيناً عليه، وتحول إلى فرض عين ثابت عليه.
التقسيم الرابع: بحسب الفعل المأمور به وهو: معيَّن ومخيَّر.
فالواجب المعين: حدده الشارع بذاته ولم يأذن باستبداله بشيء آخر، كالصلاة والصيام فلا يجوز استبدال ذلك بقربة أخرى، ومثال ذلك أيضاً رد المغصوب، فالمطلوب رده بعينه دون قيمته. فالواجب المعين: حدده الشارع بذاته ولم يأذن باستبداله بشيء آخر، كالصلاة والصيام فلا يجوز استبدال ذلك بقربة أخرى، ومثال ذلك أيضاً رد المغصوب، فالمطلوب رده بعينه دون قيمته.
والواجبُ المخيَّرُ: ما طلب الشارع فعله من أمورٍ متعددة، وترك للمكلف الاختيار، فحيث أدى منها واحداً كفاه وأجزأه.
ومثال ذلك حكم كفارة اليمين، فالحانث مخير بين ثلاثة أشياء، قال تعالى: { لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } سورة المائدة- 89- ومثال آخر في تخيير الإمام لاتخاذ ما يراه بصدد أسرى المعركة بين المن وبين الفداء، قال تعالى: {فشدوا الوثاق فإمَّا منَّاً بعدُ وإما فداءً} سورة محمد، الآية- 4- .
وختم فصل الواجب بتقرير قاعدة أصولية هامة، تسمى قاعدة مقدمة الواجب، وهي: (كل ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)