تعريف المندوب: ما طلبَ الشارعُ فعله طلباً غيَر جازم، وهذا هو تعريف المصباح المنير،وعرَّفه البيضاوي بقوله: (هوما يحمد فاعله ولايذم تاركه).
أن المندوب على ثلاثة أصناف: مؤكد وغير مؤكد وزائد.
فالمندوب المؤكد، أو السنة المؤكدة كما يشتهر لدى الأصوليين هي ما يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها ولكنه يعاتب ويلام، وهي السنن التي واظب النبي على فعلها ولم يتركها إلا نادراً، ومثال ذلك ركعتي الفجر قبل الفريضة.
والصنف الثاني هو السنة غير المؤكدة، فاعلها يثاب وتاركها لا يعاقب ولا يلام، وهي السنن التي فعلها النبي أحيانا ولم يواظب عليها.
السنة الزائدة: أن ثمة أفعالاً للنبي صلى الله عليه وسلم لا تدخل في إطار التشريع، وهي صفاته الجبلّيّة كأكله ونومه ومشيه وفاعلها يثاب إن قصد بذلك رضا الله عز وجل ومحبة النبي صلى الله عليه و سلم.
و هناك خلاف بين الأصوليين في مسألة فرعية وهي: هل الندب حكم تكليفي أم لا؟
فالجمهور على أنه ليس حكماً تكليفياً لأن المكلف يستطيع تركه بلا عقاب، ولكن نقل عن طائفة من العلماء على رأسهم أبو إسحق الاسفراييني أن المندوب حكم تكليفي.
واختلافهم في مسألة إتمام المندوب بعد الشروع فيه على قولين:
الأول: قول الإمام الشافعي قال: لا يجب إتمامه، ولا قضاء على من تركه ولو بعد الشروع فيه، ولا إثم في ذلك، ويبقى الندب على حاله الذي مضى فيه.
وقال بأنه ليس إسقاطاً لواجب في الذمة بل نافلة وتطوع، وما على المحسنين من سبيل.
واستدل أيضاً بأن المرء إذا أخرج عشر دراهم فتصدق بواحد وردَّ تسعة لم يكن عليه حرج، فكذلك لو شرع في نافلة، فالصوم كالإنفاق.
واستدل أيضاً بحديث أم هانئ عن النبي( أنه قال: «الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام، وإن شاء أفطر) أخرجه أبو داود والترمذي وأحمد.
القول الثاني في مسألة إتمام المندوب بعد الشروع فيه هو قول الحنفية ودليلهم:
(1) قول الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم} سورة محمد 33
(2) المندوب بعد الشروع فيه حق الله عز وجل، وحق الله يجب الحفاظ عليه ولا يحل إهماله.
(3) النذر يجب إتمامه مع أنه قد يكون في الأصل مندوباً أو مباحاً، والنذر التزام قولي، فالشروع في المندوب التزام عملي فيجب إتمامه.
وراى الجمهور هو الراجح.
وهناك قاعدتين في المندوب أصَّلهما الإمام الشاطبي:
الأولى: إن المندوب في جملته خادم للواجب يجيء تكميلاً له أو تذكيراً به.
الثانية: إن المندوب ولو كان مستحباً فقط من الأفراد، لكنه من الجماعة مطلوب وجوباً، فالأذان مع أنه نافلة، إذا تركه الناس كلهم أثموا.