تعريف السبب: هو الوصف الظاهر المنضبط الذي دل الدليل السمعي على كونه معرفا لحكم شرعي.
وهكذا فإن السبب حدث جعله الشارع علامة أكيدة على وجود الحكم.
ووجود السبب يستلزم حتما وجود المسبب، وانعدام السبب يستلزم حتماً انعدام المسبَّب.فيلزم من وجوده الوجود ويلزم من عدمه العدم.
ومثال ذلك أن حد الرجم متوقف على ثبوت الزنا فحيث ثبت الزنا وجب الحد وحيث انتفى الزنا انتفى الحد.
ينقسمُ السببُ من حيث موضوعه إلى قسمين: وقتي ومعنوي. (1)
فالوقتي: ما لا تبدو فيه حكمة باعثة ظاهرة، بل هو محض توقيت، كالزوال سببٌ في وجوب الظهر، والهلال سبب في وجوب الصيام.
والمعنوي: ما يستلزم حكمة باعثة في تعريفه للحكم الشرعي، ومثاله: الإسكار سبب في تحريم الخمر، والعقد على مجهول سبب في تحريم القمار.
وعليه فإنه يجوز القياس على المعنوي ولا يجوز القياس على الوقتي.
ينقسم السبب من حيث قدرة المكلف على القيام به وعدمها إلى قسمين(2)
القسم الأول: ما هو من فعل المكلف وهو مقدور له، كالبيع سبب لانتقال ملكية المبيع، وثبوت الثمن، والقتل العمد سبب لثبوت القصاص.
والسبب الذي يملك فيه المكلف المقدرة يكون على ثلاثة أحوال:
الأول: سببٌ مأمورٌ به شرعاً، كالنكاح يكون سببا في ثبوت الولد والتوارث.
الثاني: سبب نهى عنه الشارع، كالسرقة سبب في وجوب الحد، وكذلك قطع الطريق سبب في ثبوت حد الحرابة، مع أن كلاً منها منهيٌّ عنه شرعاً.
الثالث: سبب أذن به الشارع إذن إباحة، كذبح الحيوان سبب في صحة أكله.
القسم الثاني: قسم ليس من فعل المكلفين، بل هو محض وضع إلهي، كالموت سبب لنقل الملكية، والزوال سبب لوجوب الظهر، والحيض سبب لإسقاط الصلاة والصوم.
الأسباب ليست مقصودة لذاتها، بل يراد منها إيضاح أحكام المسببات.
التقسيم الثالث للسبب، بحسب المشروعية وعدمها، وهو قسمان: (3)
سبب مشروع: وهوما أدى إلى مصلحة في نظر الشارع، وإن اقترنت به بعض المفاسد فهي عارضة،
كالجهاد سبب لنشر الدعوة وهي مصلحة حقيقية للناس ولو أن البعض يراها سبباً تزهق به الأنفس.
سبب غير مشروع: وهو ما أدى إلى مفسدة في نظر الشارع، وإن اقترنت به بعض المنافع العاجلة، كالتبني فإنه سبب غير مشروع لا تترتب آثاره عليه شرعاً، وهو وإن بدا مفيداً لبعض اليتامى، ولكنه مؤذ للمجتمع لما ينشأ عنه من ضياع الأنساب وتفرق العوائل.
التقسيم الرابع للسب اعتبار تأثيره في الحكم وعدمه، وهو نوعان: (4)
السبب المؤثر في الحكم، وهو ما يسميه الأصوليون: العلة، وهو ما يكون بينه وبين الحكم مناسبة يدركها العقل، ويمكن القياس عليها، كالسُّكْر سبب تحريم الخمرة- أي علته-.
السبب غير المؤثر في الحكم: وهو الذي لا يكون بينه وبين الحكم مناسبة يدركها العقل، ولا يصلح القياس عليه.
التقسيم الخامس للسبب اعتبار نوع المسبَّب، وهو نوعان:(5)
سبب لحكم تكليفي: كالوقت للصلاة والهلال للصيام.
سبب إثبات أو إلغاء ملك أو حل: كالعتق سبب لإزالة الملكية، والزواج سبب ينتج عنه تحليل المعاشرة، والبيع سبب لإثبات ملك أو إلغائه.
(6) التقسيم السادس للسبب وهو تقسيم فلسفي محض، وهو بحسب مصدر الرابطة والعلاقة بينه وبين المسبَّب، وهو ثلاثة أقسام:
سبب شرعي: وهو ما تقرر بناء على حكم شرعي، كالنصاب سبب لوجوب الزكاة، والوقت سبب لوجوب الصلاة.
سبب عقلي: وهو ما تقرر بناء على حكم عقلي، كالقول بأن الليل سبب في انعدام النهار، وأن النقيض سبب في بطلان نقيضه، وأراد بقوله (في المحج) أي في المحاججة والمناظرة.
سبب عادي: وهو ما تقرر بناء على عرف وعادة، كما لو قيل: الذبح سبب في الموت.
الثلاثاء سبتمبر 02, 2008 8:21 am